للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويضع الناس أنفسهم مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مرة أخرى في بدء الدعوة- على محك الثقة تجاهه لما ناداهم:

"يا بني فهر! يا بني عدي! أرأيتم لو أخبرتكم أن خيلا بالوادي تغير عليكم أكنتم مصدقي؟ " قالوا: نعم، ما جربنا عليك إلا صدقا١.

لقد أراد أن يتفق معهم على شرط يكون عليهم حجة قبل أن يبلغهم رسالة الله وقد علموا أنه نبي مرسل وأنه ليكلم من السماء فوضع فرضا من الفروض، لو أنه أخبرهم خبرا خطيرا يهدد مستقبل حياتهم أكانوا مصدقين؟ فأجابوه: نعم، وأجابوها مع دليل يقويها ويؤكدها أجابوه بتاريخه المعروف المشهور الواضح الثابت المستقر عندهم "ماجربنا عليك إلا صدقا".

وتستمر هذه الثقة حتى مع وجود النزاع الحاد والخصومة المستحكمة التي بدءوا بها واستمرءوها.

لقد قال لهم النضر بن الحارث يوما، وهو من أشد المتحمسين لعداء الدعوة وله دور إيجابي في معاندة آيات الوحي الصادق، قال لهم: قد كان محمد فيكم غلاما حدثا أرضاكم فيكم وأصدقكم حديثا وأعظمكم أمانة حتى إذا رأيتم في صدغيه الشيب وجاءكم بما جاءكم به قلتم ساحر، لا والله ما هو بساحر٢ ... إلخ.


١ فتح الباري، ج١٠ ص١١٩ باب: وأنذر عشيرتك الأقربين. راجع القرآن والنبي، لفضيلة الدكتور عبد الحليم محمود ص١٨٣ وما بعدها, ط. دار الكتب الحديثة.
٢ ابن هشام ج١ ص٢٢٠-٣٠٠.

<<  <   >  >>