وتلك قاعدة أساسية في تربية الدعاة أن يعزفوا عن الحياة وزينتها ويرغبوا إلى الله وما عنده، وهو أيضا مستوى مفروض في تربية الداعية توصل إليه تلاميذ المدرسة الأولى للدعوة في دار الأرقم بن الأرقم.
ولقد سأل النبي -صلى الله عليه وسلم- أبا ذر وقد جاء من بعيد يستطلع أمر الإسلام دون أن يسأل أحدا من كفار قريش وبات ما شاء الله له أن يبيته في مكة, فلما قدم على النبي -صلى الله عليه وسلم- قال له:"فمن كان يطعمك؟ " , قال: ما كان من طعام إلا ماء زمزم١.
وهو سؤال يكشف عن منهج خاص في إعداد القيادة, وهو رعاية الجانب الاقتصادي بالقدر الذي يكفل لهم الحياة الإنسانية, ويبلغهم القدرة على أعباء العمل والجهاد.
لقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- في المرحلة الأولى من تلقيه الرسالة يجهز قيادة تحمل معه مسؤلية نشر الدعوة حتى لا تجابه الدعوة بادئ بدء بالإعراض من كل أفراد المجتمع، واتخذت تربية هذه القيادة جوا سريا.
اختار فيهم الأفراد الصالحين للإعداد.
وأبعدهم عن الضغط الاجتماعي حتى تصفو نفوسهم وقرائحهم وتنجلي صدورهم وأفئدتهم بالقرآن والمشاهدة النبوية.
وعرض لهم الدعوة في شمول فسيح فيما يتعلق بالعقيدة والإيمان.