نفسا وأطهرهم قلبا وأنقاهم خاطرا وما هفا هفوة صغيرة, فقد عصمه الله, وكان هو الأمين وحده دون سائر شباب قريش وشيوخها أجمعين.
لقد كان أرضاهم وهو صغير, فماذا حدث لعقولهم بعد أن جاءهم بالروح الأمين؟
مقالة شنعاء, وقحة, بذيئة, جافية, جامدة, عمياء, قالها عتبة بن ربيعة ويستحق في مقابلها ردا مساويا لها جفوة وقسوة وإيلاما, ولكن الداعية الأول -صلى الله عليه وسلم- يقدم في رده برهانا على أنه لا يخالفهم إلى ما ينهاهم عنه.
لقد أبرز النبي -صلى الله عليه وسلم- مبادئ الدعوة في رده "أفرغت يا أبا الوليد" في هدوء هادئ, واتزان رزين, وصفح كريم, وعفو صادق.
يقولها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- معلنا بها أن مبدأ العمل مع الجماعة في نظر الدعوة هو مطابقة سلوك الداعية إلى المبادئ الإسلامية, فتلا عليه القرآن حتى وصل إلى قوله تعالى:
{فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ} .
فأمسك عتبة بفم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خوفا من نزولها, فإنه يعلم أن محمدا لصادق, وأنه ما كذب أبدا, فبات ذلك في التاريخ شهادة عليه, وأن ساعة أن عرض ما عرضه على النبي -صلى الله عليه وسلم- كان غير كريم السجية، وغير صادق في مسعاه, وأن رد النبي -صلى الله عليه وسلم- بات في سجلات التاريخ