للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

شهادة رائعة الدلالة على أن الإسلام ما يرجو للبشرية إلا خيرا يحقق لها السعادة والأمن والتكريم١.

ولم يكن ذلك الحلم مرة واحدة لقد كان منهجا في أسلوب العمل للدعوة, لقد ذهب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى الطائف يدعوهم إلى عبادة الله وحده، وهي دعوة صريحة في احترام الإنسان نفسه وتوقيره لذاته أن يتوجه بالعبادة إلى الله الحق الذي يملك السموات والأرض، وترفع الإنسان عن الانحطاط الذي يزاوله بالسجود إلى حجر أو خشب صنعه بيده، ثم هو لا يملك لنفسه قطميرا من خير أو شر، وهي دعوة تتفق مع العقل العادي الذي يفكر تفكيرا عاديا مستقيما، وكذلك هي دعوة إلى الحق فيما كان عليه الآباء الأطهار سالفا قبل الانحراف الذي جره عمرو بن لحي٢, ولكن القوم آذوا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بصورة شنيعة قاسية لا تتفق مع الواجبات الأخلاقية لضيف أو قريب أو عابر سبيل.

لقد سلطوا عليه سفهاءهم وعبيدهم, فجعلوا يسبونه, ويصيحون به, ويرضخونه بالحجارة حتى أدموا رجليه, وهم يضحكون.

السلوك العادي هنا أن تنفجر النفس غيظا وحنقا, وأن يود الإنسان أن لو كان معه قوة السماء والأرض لينتصر لنفسه من هذه الأهزوءة


١ راجع القصة في السيرة لابن هشام ج١ ص٢٩٥, السيرة لابن كثير ج١ ص٥٠٤، ٥٠٥, المواهب اللدنية ج١ ص٢٥٦, السيرة الحلبية ج١ ص٢٣٩, الوفا ج١ ص٢٠١, الخصائص الكبرى ج١ ص٢٨٣، ٢٨٤.
٢ الحلبية ج١ ص١١.

<<  <   >  >>