للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نديا رخيا أخاذا بالنفس, والمشاعر والوجدان يعلم الداعية في كل زمن كيف يكظم غيظه، ويعفو عن قومه ويدعو ربه:

"اللهم إليك أشكو ضعف قوتي وقلة حيلتي وهواني على الناس يا أرحم الراحمين! أنت رب المستضعفين، وأنت ربي, إلى من تكلني؟ إلى بعيد يتجهمني؟ أم إلى عدو ملكته أمري؟ إن لم يكن بك علي غضب, فلا أبالي، ولكن عافيتك هي أوسع لي، أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات, وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة من أن تنزل بي غضبك, أو يحل علي سخطك, لك العتبى حتى ترضى, ولا حول ولا قوة إلا بك" ١.

وحق لملك الجبال أن يقول للنبي -صلى الله عليه وسلم: أنت كما سماك ربك رءوف رحيم٢.

وصدق صاحب الهمزية:

جهلت قومه عليه فأغضى ... وأخو الحلم دأبه الإغضاء

وسع العالمين علما وحلما ... فهو بحر لم تعيه الأعياء

ولم يكن ذلك في مكة فقط, وهي موضوع الحديث والدراسة، بل إن هذا المنهج استمر مع الدعوة في كل ظروفها يخلصها لله, ويجعل


١ السيرة لابن هشام ج١ ص٤٢٠، تاريخ الطبري ج٢ ص٣٤٥.
٢ الحلبية ج١ ص٣٩٦.

<<  <   >  >>