للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لقد كان الخلق الفاضل والمؤانسة والوداد والصفح هي أسلوب العمل مع معاندي الدعوة حتى تبرز معالم الإسلام وحقائقه وأفضاله؛ ولهذا كان الرسول -صلى الله عليه وسلم- دائما ودودا، رءوفا صفوحا, وكان لا ينادي الواحد من أعداء الدعوة إلا بالكنية المؤدبة والاسم اللطيف.

ففي الخصائص الكبرى, عن المغيرة بن شعبة قال: إن أول يوم عرفنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أني أمشي أنا وأبو جهل بن هشام في بعض أزقة مكة إذ لقينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لأبي جهل: "يا أبا الحكم! هلمّ إلى الله وإلى رسوله, أدعوك إلى الله ... ".

إن سلطة محمد في قومه معروفة, ومكانته مشهورة, ومركزه وحده فريد في القوم، وأبو جهل واحد من كبار أعداء الله ورسالته، ولكن أسلوب التعامل هنا هو أن يظهر الداعية أخلاقيات الدعوة عمليا, فيناديه الرسول الكريم عليه أفضل الصلاة والسلام: "يا أبا الحكم! " ١, إن اسمه المشهور به: عمرو بن هشام بن المغيرة ابن أخ الوليد بن المغيرة٢ من أسرة تعادي الله ورسوله وجماعة المسلمين, ولكن الداعية الأول -صلى الله عليه وسلم- يبسط إليه القول في لين وسماحة ومودة كسلوك عملي لمحاسن الإسلام، وتطبيق وجودي لأخلاقياته حتى يظهر للخصم أن المعركة ليست أنانية, وإنما هي لخير الخصم نفسه أن يثوب إلى الله الذي خلقه وأنعم عليه بعديد الآلاء.


١ الخصائص الكبرى ج١ ص٢٨٦.
٢ الخصائص الكبرى ج١ ص٢٨٠ تعليق.

<<  <   >  >>