للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يقول: سمعت خبابًا يقول: أتيت النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو متوسد بردة وهو في ظل الكعبة وقد لقينا من المشركين شدة فقلت: ألا تدعو الله؟ فقعد وهو محمر وجهه فقال: "لقد كان من قبلكم ليمشط بمشاط الحديد ما دون عظامه من لحم وعصب، ما يصرفه ذلك دينه، ويوضع المنشار على ما مفرق رأسه فيشق باثنين ما يصرفه ذلك عن دينه، وليتمنّ الله هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت ما يخاف إلا الله" , زاد بيان: "والذئب على غنمه" ١.

وفي رواية زاد: "ولكنكم تستعجلون" ٢.

لقد كانت المدرسة النبوية تربي القيادة على أمثل مستوى يجردها من كل هوى وشائبة لتخلص الطوايا والنفوس لله رب العالمين، وكانت هذه التربية تتمشى مع التوجيه القرآني: {فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ} .

فكانت توجيه القلوب والحواس إلى رضوان الله وإلى الصبر والتحمل حتى يأذن الله بما يشاء لهذه الطليعة الأولى في حياتها الدنيا وفي حياتها الأخرى على السواء.

كان الرسول -صلى الله عليه وسلم- يرى عمارا وأمه وأباه رضي الله عنهم يعذبون أشد العذاب في مكة فما كان يزيد على أن يقول لهم: "صبرا آل ياسر فإن موعدكم الجنة".


١ البخاري فتح الباري ج٨ ص١٦٥، ١٦٦، المواهب اللدنية ج١ ص٢٦٦، دلائل البيهقي.
٢ السيرة لابن كثير ج١ ص٤٩٦، الفتح الرباني ج٢٠ ص٢٢٢، راجع فتح الباري ج٧ ص٤٣١، ٤٣٢.

<<  <   >  >>