امرأتين تذودان والناس في شح لم يرحموا ضعفهما ولا قلة حيلتهما، وهو رجل عابر سبيل فتأخذه الشفقة والرحمة امتثالا لمبادئه العليا فيسقى لهما ويبرز هنا كذلك سؤال: كيف استطاع موسى أن يمنع الناس عن الماء وهم جمع في بلادهم وهو رجل غريب؟ وكيف انصاع الناس له؟ ذلك أمر الله وقدره، يلحظ فيه الداعية كيف ييسر الله للمخلصين كل سبيل يسهل إلى الخير ويحقق النفع للناس.
وفي مدين يمكث عشر حجج يرجع بعدها مع أهله فتأتيه الرسالة بطريق الخطاب المباشر دون قدرة على الرؤية ويتحمل قولا ثقيلا:
{اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى} .
ويبدأ موسى بتنفيذ أمر ربه وتكون طريقة الخلاص من فرعون جد شاقة فيؤمر من عند ربه:{فَأَسْرِ بِعِبَادِي لَيْلًا إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ} .
وحتى بعد الخلاص أثناء السير قال له أصحابه:{إِنَّا لَمُدْرَكُونَ} من شدة الهلع والخوف.
حتى إذا ما نجو قالوا:{يَا مُوسَى اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ} .
فتمر دعوة موسى عليه السلام في تسلسل من الصعوبات والامتحانات والابتلاءات ذلك لأن طبيعة الدعوة دائما تحتاج إلى صبر في عرضها وصبر على مجابهة خصومها, ولهذا رفض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يستنصر بالدعاء على كفار مكة أن يبيدهم الله بهلاك من عنده نظير ما فعلوه في جماعة المسلمين، ففي البخاري: حدثنا الحميدي حدثنا سفيان حدثنا بيان وإسماعيل قالا: سمعنا قيسا