يلوذون به فلا تكون الذات هي المحور لحياته, ولا هي الدافع لتحركه في وجوده.
وكانت كذلك تربية على ضبط الأعصاب حتى لا يندفع الرجل العربي وراء حماسته لأي مؤثر يشعل حميته، وحتى لا يهتاج لأول مهيج وذلك حتى يتم الاعتدال في طبيعته وحركته.
وكانت كذلك تربية على أن يتبع أسلوب حياة جديدة تحت قيادة جديدة يرجع إليها في كل شيء, ويأخذ عنها جميع أمور حياته ولا يتصرف إلا وفق ما تأمره به مهما يكن الأمر مخالفا لمألوفه وعادته ومواريثه، وقد كان ذلك هو حجر الأساس في إعداد شخصية الرجل العربي لإنشاء نواة المجتمع الإسلامي الذي يخضع لقيادة موجهة من الوحي بعيدا عن السلطان البشري الضال المزيف.
إن إعداد النفوس وتربيتها بناء صعب يحتاج إلى زمن طويل وصبر طويل لكي يعطي فرصة واسعة لمن وضع نفسه في موضع الخصومة ليتفكروا ويتأملوا ويبحثوا أسباب ردهم للدلائل والبراهين التي طال شرحها وطال عرضها، ويبحثوا كذلك أسباب تخلق المسلمين بالصبر مع القدرة على اتخاذ موقف دفاعي كما حدث من عمر بن الخطاب رضي الله عنه الذي بدل عنفه على المسلمين قوة لهم، وغير ظلمه إياهم عدلا لمبادئهم ودعوتهم بعد أن استروحت نفسيته عبير الدعوة واستنشقت رئتاه نسيم الإيمان، فتذوق حلاوة الإسلام، فانقاد في قوة عارمة وعاد من تجبره ليكون للمسلمين عونا ومعينا ومساعدا ونصيرا, وتلك واحدة من آثار منهج الصبر, وشاء الله أن يكون ذلك دائما هو