طابع العمل في الدعوة لما يعلمه جل شأنه من أن بعض المعاندين الذين يفتنون أوائل المسلمين عن دينهم ويعذبونهم ويؤذونهم هم بأنفسهم سيكونون من جند الله, ومن قادة الدعوة المخلصين.
هذه الخلقية التي تحتاجها الدعوة في مرحلة العرض تحتاج كذلك إلى إيمان بالتفويض المطلق إلى الله جل شأنه في تسيير مجريات النصر وأسبابه للدعوة الإسلامية, فإن النصر معناه ووقته وسببه والذين سيشهدون ملابساته أمور موكولة إلى الله وحده, فإنها مقادير عليا تخضع للسلطان الإلهي فحسب {لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} .
وما على الدعاة إلا أن يخلصوا للعمل لوجه الله حسب منهاج الدعوة وإن يؤدوا واجبهم ثم يذهبوا وواجبهم هنا هو أن يختاروا الله ورسوله والقرآن الكريم، غاية وزعيما ودستورا، وأن يؤثروا العقيدة على كل متاع الحياة في أوج عظمتها وأن يستعلوا بالإيمان على المفتنة في أشد قسوتها وأن يصدقوا الله في العمل والنية ثم بعد ذلك ليفعل الله بهم وبأعداء دينهم ما يشاء.
وإذن فإنه لمن الخطأ الكبير في عصرنا الحديث أن نسأل متى نصر الله؟
إن نصر الله لا بد آت إنه وعده الكريم ولن يخلف الله وعده أبدا ولكن مفهوم النصر ليس هو التسلط ولا الحكم وليس هو المال والجاه، وليس موطنه الحياة في الأرض فقط.
إن مجال المعركة ليس هو الأرض وحدها وليس هو الحياة الدنيا وحدها وشهود المعركة ليسوا هم الناس في جيل من الأجيال, بل