للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إن الملأ الأعلى يشاركه في أحداث الأرض ويشهد عليها, ويزنها بميزان خاص غير ميزان الأرض في نوع من أجيالها بل في أجيالها جميعا، والملأ الأعلى يضم مع الأرواح الكريمة أضعاف أضعاف ما تضم الأرض من الناس، وما من شك أن ثناء الملائكة والملأ الأعلى وتكريمه أكبر وأعظم وأجل وأنفس وأرجح في أي ميزان من رأي أهل الأرض وتقديرهم وموازينهم على الإطلاق, وبعد ذلك هناك الآخرة وهي المجال الأصيل الذي يلحق به مجال الأرض إن طوعا وإن كرها, ثم هو لا ينفصل عنه لا في الحقيقة الواقعة ولا في الحس المؤمن فيما يتعلق بهذه الحقيقة, فالمعركة إذن لم تنته, وخاتمتها الحقيقية لم تجئ بعد, والحكم عليها بالجزء الذي عرض منها في الأرض في وقت ما أوفى الأوقات كلها غير دقيق, بل وغير صحيح لأنه حكم على الشطر الصغير الأدنى والشطر الزهيد الطائش وصدق الله العظيم:

{الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ} ١.

{وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ، مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُؤُوسِهِمْ لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ} ٢.


١ الآية رقم ٧ من سورة غافر.
٢ الآيتان ٤٢، ٤٣ من سورة إبراهيم.

<<  <   >  >>