فصمت عن ذلك, ثم جاءني جبيل عليه السلام فقال: يا محمد إن لم تفعل ما أمرت به عذبك ربك"، قال: "فاصنع لنا يا علي رجل شاة على صاع من طعام وأعد تعب لبن, ثم اجمع لي بني عبد المطلب" , ففعلت فاجتمعوا له وهم يومئذ أربعون رجلا يزيدون رجلا أو ينقصونه، فيهم أعمامه: أبو طالب، وحمزة، والعباس، وأبو لهب الكافر الخبيث, فقدمت إليهم تلك الجفنة, فأخذ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- منها قطعة فشقها بأسنانه, ثم رمى بها نواحيها وقال: "كلوا باسم الله"، فأكل القوم حتى نهلوا عنه، ما يرى إلا آثار أصابعهم, والله إن كان الرجل منهم يأكل مثلها، ثم قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "اسقهم يا علي"، فجئت بذلك القعب فشربوا منه حتى نهلوا جميعا، وايم الله إن كان الرجل منهم ليشرب مثله, فلما أراد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يكلمهم بدره أبو لهب إلى الكلام فقال: لهدما سحركم صاحبكم. فتفرقوا ولم يكلمهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فلما كان الغد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "يا علي! عد لنا بمثل الذي كنت صنعت لنا بالأمس من الطعام والشراب, فإن هذا الرجل قد بدرني إلى ما قد سمعت قبل أن أكلم القوم"، ففعلت ثم جمعتهم له، فصنع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كما صنع بالأمس فأكلوا حتى نهلوا عنه, ثم سقيتهم فشربوا من ذلك القعب حتى نهلوا عنه، وايم الله إن كان الرجل منهم ليأكل مثلها ويشرب مثلها, ثم قال رسول الله -صلى الله