للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهكذا تنتقل الدعوة وئيدة حسب طبيعتها لتقرر مبدأ عاما "لأن يهدي الله بك رجلا خير لك من حمر النعم".

{وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ} ١.

وتستمر ثمرات هذا الكفاح المضني, والجهد الشاق الذي بذله رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في تبليغ الدعوة في هذه المرحلة, فتنتقل الثمرات من إنتاجها الفردي إلى إنتاج جماعي لكأنما شاء الله لها في عهدها المكي أن تبدأ فردية, وتنتقل إلى الجماعة جهرية وشاء لها كذلك أن تكون ثمارها هكذا واحدة, ثم جماعة قد اختارهم الله واختصهم دون ذلك القوم الذين دعوا فلم يستجيبوا.

يقول ابن هشام:

فلما أراد الله عز وجل إظهار دينه وإعزاز نبيه -صلى الله عليه وسلم-وإنجاز وعده له خرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الموسم الذي لقيه فيه النفر من الأنصار, فعرض نفسه على قبائل العرب كما كان يصنع في كل موسم, فبينما هو عند العقبة لقي رهطا من الخزرج أراد الله بهم خيرا.

قال لهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "من أنتم؟ " قالوا: نفر من الخزرج, قال: "أمن موالي يهود؟ " قالوا: نعم، قال: "أفلا تجلسون أكلمكم؟ " قالوا: بلى. فجلسوا معه فدعاهم إلى الله عز وجل, وعرض عليهم الإسلام, وتلا عليهم القرآن. قال: وكان مما صنع الله بهم في الإسلام أن يهود كانوا معهم في بلادهم, وكانوا أهل كتاب


١ التغابن.

<<  <   >  >>