"يا أيها الناس! إني قد أوتيت جوامع الكلم وخواتيمه، واختصر لي اختصارا وقد أتيتكم بها بيضاء نقية فلا تتهوكون ولا يغرنكم المتهوكون".
ثم أمر -صلى الله عليه وسلم- بتلك الصحيفة فمحيت حرفا حرفا.
وتتكرر الحادثة ويتكرر نصح النبي -صلى الله عليه وسلم- فيتضح أن الاستقلال بالدستورية الإسلامية في التفكير والتثقيف أمر واجب.
يروى أن جريرا قال: جاء أناس من المسلمين بكتب كتبوا فيها ما سمعوه من اليهود، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم:"كفى بقوم ضلالة أن يرغبوا عما جاء به نبيهم إليهم، إلى ما جاء به غيره" ١.
فجعل عليه الصلاة والسلام مجرد الميل إلى وحي آخر لنبي آخر يعتبر ضلالة في العرف الإسلامي فكيف بالجنوح إلى خارج دائرة الوحي الإلهي؟ كيف بالجنوح إلى دائرة الفكر البشري؟ كيف بالجنوح إلى منطق أرسطو الذي ما قدر لله حق قدره؟
وتتكرر الحادثة مرة أخرى -ثالثة- ويتكرر معها نصح النبي عليه الصلاة والسلام فتتضح شرعية وجوب الاستقلال بالدستورية
١ الإسلام والإيمان ص١٨-٢١ راجع مسند الإمام أحمد ج٣ ص٣٨٧ مسند جابر.