يابن أخي: إن قومك قد جاءوني, فقالوا لي كذا وكذا، فأبق عليّ وعلى نفسك, ولا تحملني من الأمر ما لا أطيق.
وذلك منطلق لين تبدو منه ضعضعة أبي طالب فظن الرسول -صلى الله عليه وسلم- أن عمه قد ضعف عن نصرته, والقيام معه, وأنه قد بدا له فيه بداء.
فحدد الرسول -صلى الله عليه وسلم- موقفه ليكون قانونا سرمديا لكل داعية يواجه جاذبية المجتمع الثقيلة:
"والله لو وضعوا الشمس في يميني, والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر حتى يظهره الله أو أهلك فيه، ما تركته".
إنها لقاعدة توزن بالحياة كلها إن تكأكأ المجتمع على الداعية, فهو يساوي في ثقله ثقل الثقيل ريشة على كتف بعير أورق هو سيد حمر لنعم, فإذا أبو طالب وقد لمسته شرارة من هذا النور المتوهج يعدل عن لينه ويقول: اذهب يابن أخي فقل ما أحببت فوالله لا أسلمك لشيء أبدا١.
وبهذا يتحدد الموقف من الجانبين: من جانب الكفرة، رفض مطلق للرسالة واقتراح حرب عائلية حتى يتقرر لمن يكون النصر.
ومن جانب النبي -صلى الله عليه وسلم- تصميم على الاستمرار في الدعوة وتصميم عمه على ألا يسلمه لشيء أبدا.
١ السيرة لابن هشام ج١ ص٢٦٦، الحلبية ج١ ص٣٢٣، راجع تاريخ الطبري ج٢ ص٣٢٣-٣٢٧، الكامل في التاريخ ج٢ ص٦٤، الوفا ج١ ص١٩١.