٣- لقد خابت مساعي مشيخة العرب, وأحسوا بالندامة لعجزهم عن فعل شيء مع أبي طالب, فمشوا مرة ثالثة ومعهم بديل، معهم "عمارة بن الوليد بن المغيرة" وقالوا له: "هذا عمارة بن الوليد أنهد فتى في قريش وأجمله فخذه فلك عقله ونصره واتخذه ولدا فهو لك, وأسلم إلينا ابن أخيك هذا الذي قد خالف دينك ودين آبائك وفرق جماعة قومك وسفه أحلامهم, فنقتله فإنما هو رجل برجل".
هكذا قالوها في حمق "سلم ابن أخيك نقتله، وخذ ابننا عندك يحيا في كنفك واتخذه ولدا".
منطلق أعمى واقتراح أناني فاسد لم يطقه أبو طالب الذي لا يقل تحمسا للدفاع عن ابن أخيه من حبهم لولدهم عمارة, فقال لهم:
"والله لبئس ما تسومونني! أتعطوني ابنكم أغذوه لكم وأعطيكم ابني تقتلونه؟ هذا والله ما لا يكون أبدا"١.
ولو أنهم أعطوه عمارة بن الوليد ليقتله أبو طالب نظير قتلهم ابن أخيه لكان حقا ما يقولون:"فإنما هو رجل برجل" فأي شيء يسر أبا طالب إن قتل ابن أخيه وعاش ولدهم في خيرات أبي طالب؟
"وإنه لمن الغريب حقا أن يقول المطعم بن عدي بعد مقالة أبي طالب: والله يا أبا طالب لقد أنصفك قومك وجهدوا على التخلص مما تكرهه, فما أراك تريد أن تقبل منهم شيئا".
١ السيرة لابن هشام ج١ ص٢٦٧، تاريخ الطبري ج٢ ص٣٢٧، الكامل في التاريخ ج٢ ص٦٤، ٦٥، الطبقات لابن سعد ج١ ص٢٠٢، راجع السيرة لابن كثير ج١ ص٤٧٣-٥٧٥.