فقال أبو طالب: والله ما أنصفوني, ولكنك قد أجمعت خذلاني ومظاهرة القوم عليّ فاصنع ما بدا لك.
أي إنصاف هذا يا مطعم؟ ولد يغذى وولد يقتل؟ وأي شيء كان يكرهه أبو طالب؟
ولو كان يكره محمدا -صلى الله عليه وسلم- ما طالت معه محاولاتكم في شأن ابن أخيه. إنها الأنانيات العمياء والعواصف الخبيثة التي يمتطيها إبليس فتزين السوء للمعتدين.
ومن هذه السفارات الثلاث تظهر حقيقة تاريخية في هذا الصبح المبكر للدعوة؛ إنها ليست دعوة عنصرية ولا قومية ولا إقليمية ولا محلية, فقد جحدها بادئ بدء أبناء قصي وعبد مناف, وهاجرت الدعوة ديارهم ووكل الله بها قوما ليسوا بها بكافرين, فكانت يثرب هي طابة المنورة التي ترعرع فيها لدين الله مجتمع إسلامي كبير.
٣- مساومة النبي -صلى الله عليه وسلم:
لقد فشلت جهود مشيخة العرب مع أبي طالب وما زال الإسلام ينمو ووجهاء من القوم يدخلون في دين الله، فلقد أسلم حمزة بن عبد المطلب إثر معركة مع أبي جهل, انتصر فيها حمزة لابن أخيه١، فغيرت قريش أسلوب المواجهة بالمواعدة إلى المواجهة بالمساومة مع النبي -صلى الله عليه وسلم- مباشرة وقد تعددت مرات هذه المساومة.
١ راجع ابن هشام ج١ ص٢٩١، ٢٩٢، الكامل في التاريخ ج٢ ص٨٣، دلائل النبوة للبيهقي ج١ ص٤٥٩، راجع المواهب ج١ ص٢٥٦.