فاعل, فلما سجد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- احتمل أبو جهل الحجر، ثم أقبل نحوه حتى إذا دنا منه رجع منهزما ممتقعا لونه مرعوبا, قد يبست يداه على حجره حتى قذف الحجر من يده, وقامت إليه رجال قريش فقالوا له: ما لك يا أبا الحكم؟
قال: قمت إليه لأفعل به ما قلت لكم البارحة, فلما دنوت منه عرض لي دونه فحل من الإبل، لا والله ما رأيت مثل هامته، ولا مثل قصرته ولا أنيابه لفحل قط, فهم بي أن يأكلني١.
لقد كانت بطولة أبي جهل بطولة خيالية، وكان تشدقه بالتوعد تشدقا سفسطائيا، ولم تكن مرة واحدة ينتكس فيها على عقبيه بل كانت مرارا، يرويها صاحب الحلبية وابن كثير في السيرة منها:
أن الأراشي، كان رجلا من رجال خثعم، باع لأبي جهل أجمالا فمطله فدلته قريش على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لما يعلمونه من شدة عداوة أبي جهل للدعوة وصاحبها، عليه أفضل الصلاة والسلام، فلما ذكر الأراشي حاله لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- قام معه لينصفه من أبي جهل، فلما ضرب باب أبي جهل، خرج وهو ممتقع الوجه حتى لكأنه النقع, وهي الصفرة مع كدرة، فقال له النبي -صلى الله عليه وسلم- أعط هذا حقه، فقال أبو جهل: نعم لا تبرح حتى أعطيه الذي له. فدفعه إليه.