للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

شكونا إلى رسول الله -صلى عليه وسلم- وهو متوسد بردة له في ظل الكعبة، قلنا: ألا تستنصر لنا؟ ألا تدعو الله لنا؟ قال: "كان الرجل فيمن قبلكم يحفر له في الأرض فيجعل فيه, فيجاء بالمنشار فيوضع على رأسه فيشق باثنتين, وما يصده ذلك عن دينه, ويمشط بأمشاط الحديد ما دون لحمه من عظم أو عصب، وما يصده ذلك عن دينه، والله ليتمن هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله عز وجل أو الذئب على غنمه ولكنكم تستعلجون" ١.

٤- زنيرة الرومية:

أمة رقيقة الحال ضعيفة الحول معدومة الكنف آمنت بالله وبرسوله -صلى الله عليه وسلم- عذبها أبو جهل عذابا مريرا حتى إنه لكان يتعجب من صبرها وصبر أخواتها. يقول في المواهب:

وكان أبو جهل يقول: ألا تعجبون إلى هؤلاء وأتباعهم لو كان ما أتى محمد خيرا وحقا ما سبقونا إليه أفتسبقنا زنيرة إلى رشد؟ ٢

لقد عذبوها وهم أحرار ليستعبدوا قلبها, فرفضت أن تبيع عبوديتها لله إرضاء للأسياد الأحرار, وظلوا يعذبونها حتى عميت, فقالوا: ما أصاب بصرها إلا اللات والعزى، فقالت: والله ما هو كذلك وما يدري اللات والعزى من يعبدهما، ولكن هذا أمر من السماء وربي قادر على أن يرد علي بصري, فرد الله عليها بصرها صبيحة تلك الليلة, فقالت قريش: هذا من سحر محمد, فاشتراها أبو بكر فأعتقها.


١ البخاري ج٧ ص٤٣١، ٤٣٢، دلائل النبوة ج٢ ص٥٧، الحلبية ج١ ص٣٣٦، ٣٣٧, السيرة لابن كثير ج١ ص٤٩٦-٤٩٨.
٢ الحلبية ج١ ص٣٣٦، المواهب ج١ ص٢٦٩-٢٧٥.

<<  <   >  >>