وهو حادث واجه به القرآن الكريم جماعة المشركين في حينه, ولم يُرو عنهم تكذيب لوقوعه, فهو قد وقع فعلا بصورة يتعذر معها التكذيب، حتى ولو على سبيل المراء الذي كانوا يتذرعون به, غير أنه روي عنهم أنهم قالوا: سحرنا، ولكنهم أنفسهم اختبروا الأمر فعرفوا أنه ليس سحرا، قال في الحلبية:
فقال رجل منهم: إن محمدا إن كان سحر القمر أي بالنسبة إليكم فإنه لا يبلغ من سحره أن يسحر الأرض كلها، فاسألوا أهل الآفاق، وفي لفظ: انظروا ما يأتيكم به السفار, حتى تنظروا هل رأوا ذلك أم لا؟ فأخبروا أهل الآفاق, وفي لفظ: فجاء السفار وقد قدموا من كل وجه, فأخبروهم أنهم رأوه منشقا, فعند ذلك قالوا: هذا سحر, فأنزل الله تعالى:{اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ، وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ} ١.
لكن كون هذا لانشقاق تم كاستجابة لطلب المشركين في مكة فذاك قدر لا يصح التسليم به؛ لأن النصوص القرآنية الصريحة تمنعه، {وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآَيَاتِ إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ} , فمفهوم هذه الآية أن حكمة الله اقتضت منع الاستجابة لهم بالخوارق المادية لما كان من تكذيب السابقين الأولين بها.