إنها كلمة الجاهلية: لكذاب ربيعة خير عندي من صادق مضر.
هي الداء الذي يعانيه الحق وأنصاره من العاطفيين القوميين أو العنصريين الأرضيين.
وكان لأبي جهل مثل هذا المنطق فيما يرويه المغيرة بن شعبة قال:
إن أول يوم عرفت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إني أمشي أنا وأبو جهل بن هشام في بعض أزقة مكة إذ لقينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- لأبي جهل:"يا أبا الحكم! هل إلى الله وإلى رسوله أدعوك إلى الله".
فقال أبو جهل: يا محمد هل أنت منته عن سب آلهتنا؟ هل أنت تريد أن نشهد أنك قد بلغت؟ فنحن نشهد أن قد بلغت فوالله لو أني أعلم أن ما تقول حق لاتبعتك.
إنه يقسم بالله أنه لو كان يعلم أن ما يقوله محمد -صلى الله عليه وسلم- حق لاتبعه, فهل هو لا يعلم أنه حق؟ فلنرجع إليه ثانية لنراه بماذا يعقب على مقاله هذا في حديثه مع المغيرة حسبما يروي؟
فانصرف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأقبل علي فقال:
والله إني لأعلم أن ما يقول حق, ولكن يمنعني شيء أن بني قصي قالوا: فينا الحجابة, فقلنا: نعم, ثم قالوا: فينا السقاية, فقلنا: نعم, ثم قالوا: فينا الندوة. فقلنا: نعم, ثم قالوا: فينا اللواء،