للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فكانت تتزلزل قوائم عقله إذا تتلى عليه آيات فيها مصير الذين مضوا على الكفر, وهي مغالطة سول لهم الشيطان بها أن يجابهوا الدعوة ويكذبوها حتى يسلم آباؤهم من هذا الوعيد الشديد.

لقد كانت المشاعر المنحرفة والعقلية الخطابية تريد أن تقاوم الدعوة بهذا الفقه الأعرج الأعمى؛ لتقنع نفسها أن آباءهم الذين مضوا كانوا على شيء من الدين, وتلك حساسية جوفاء فإن الرسالة الإسلامية قد قررت:

{مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} ١.

وذلك قانون نظمته الدعوة حتى تخف هذه الحساسية المرهفة نحو الآباء الذين ماتوا قبل البعثة, وكانوا في حياتهم على ضلالة لعدم بعث رسول يهديهم إلى طريق الصحيح.

وهي فرصة نفسية تقدمها الدعوة ليتعرفوا منها على حقيقتها وطبيعتها؛ لينقذوا أنفسهم من الظلمات والجاهلية التي يتخبطون فيها، ولكنهم حلوا وزينوا لأنفسهم التعلل بما كان عليه الآباء وزينوا لأنفسهم بالمغالطة مجابهة الدعوة؛ لينقذوا آباءهم من يوم القيامة وما أعد فيه للكافرين فضروا أنفسهم بذلك في معمعة الشيطان, وغمرتهم الإبليسية بموجها العاتي, فغرقوا في الضلالة ولا عاصم من أمر الله إلا من رحم.


١ الآية رقم ١٥ من سورة الإسراء.

<<  <   >  >>