للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أَأَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ آلِهَةً إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمَنُ بِضُرٍّ لا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا وَلا يُنْقِذُونِ} ١.

إنها استجابة فطرية سليمة مستقيمة فيها الصدق والبساطة والحرارة, وفيها استقامة الفهم, واستقامة الإدراك, ثم فيها التلبية الروحية متينة الوعي واضحة الصراط.

إنه رجل من أقصى المدينة يسمع دعوة الله, فيأتي مسرعا مجيبا ملبيا ولم يطق عليها سكوتا, ولم يقبع في داره وهو يرى الضلال والجحود، ولكنه يسعى بالحق الذي استقر في وعيه وفي ضميره وتحرك في شعوره يسعى به إلى قومه الذين يكذبون ويجحدون، لقد جاء يسعى من أقصى المدينة ليؤدي واجبه ليوجه قومه إلى الحق أو يقاوم اعتداءهم الذي سيصبونه على المرسلين.

إنها استجابة دون مهاترات بطلب دليل أو خارق مادي.

وهي استجابة سعى بها الرجل صاحب الفطرة السليمة.

وإذن فما بال قريش وقد سعى إليها محمد -صلى الله عليه وسلم- وعرض هو نفسه عليها قبيلة قبيلة وفردا فردا, وهو من هو نسبا وخلقا ووفاء وعهدا وأدبا وأمانة وحلما، وهو منهم، يعرفون عن حياته كل شيء، وهي كلها سنام في ذروة الطهارة والعفاف والكمال الفريد.

بذلك تغذت أرواح الأوائل من المسلمين, فكان لها سلوى من سطوة جبار عنيد مناع للخير معتد أثيم.


١ الآيات من رقم ٢٠-٢٣ من سورة يونس.

<<  <   >  >>