للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومع أن الأريبين: عتبة بن ربيعة، والوليد بن المغيرة يصدران حديثهما من القرآن الكريم بالقسم إلا أن طبيعتهما كانت سبخة, فما زالوا على الكفر حتى طهرت سيوف المسلمين وجه الأرض منهم يوم بدر.

كانت قريش تدرك مقدار جاذبية القرآن الكريم للنفس الإنسانية الصافية, فأرادوا أن يعكروها, وأن يشوشوا على الفطرة بشعر فارس وأدبها, فكان النضر بن الحارث يسافر إلى بعيد في بلاد فارس ليجلب أدبا خليعا وشعرا رخيصا؛ ليفسد به فطرة الشباب حتى لا يستمعوا إلى حلاوة القرآن الكريم، وحسن إعجازه.

يقول ابن هشام:

وكان النضر بن الحارث من شياطين قريش، وممن كان يؤذي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وينصب له العداوة، وكان قد قدم الحيرة وتعلم بها أحاديث ملوك فارس، وأحاديث رستم وأسفنديار، فكان إذا جلس رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مجلسا فذكر الله فيه وحذر قومه ما أصاب من قبلهم من الأمم من نقمة الله، خلفه في مجلسه إذا قام، ثم قال: أنا والله يا معشر قريش أحسن حديثا منه فهلم إليّ، فأنا أحدثكم أحسن من حديثه، ثم يحدثهم عن ملوك فارس ورستم وأسفنديار، ثم يقول: بماذا محمد أحسن حديثا مني؟ ١

ولقد وضع القرآن الكريم صورة هذه المواجهة في شكل قرار لتتعلم القيادات العاملة في حقل الدعوة الإسلامية أن هذه المجابهة الثقافية واحدة من ضمن المجابهات العديدة التي يجب أن يتنبه لها المسلمون في كل زمان ومكان.

يقول الله تعالى:

{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ} [لقمان: ٦] .


١ السيرة لابن هشام ج١ ص٢٦٥.

<<  <   >  >>