للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويقول -صلى الله عليه وسلم- عن كل ذلك فيما رواه الإمام مسلم: "إن الله اصطفى من ولد إبراهيم إسماعيل، واصطفى من ولد إسماعيل بني كنانة، واصطفى من بني كنانة قريشا، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم".

لقد رسم الله ماضيهم البعيد ورسم حاضرهم الذي عاشوه طفولة فشبابا فكهولة فشيخوخة منذ الأزل١.

فضاع بذلك صلف العقل الكلامي الذي اشتط في بحث الاكتساب في طلب النبوة، وبقي للنبوة مكانها الرباني: {اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ} ومناقشة العلاقات بين الأنبياء وربهم في مرحلة الإعداد لهم أو الإيحاء إليهم ليست من حق العقل البشري أيما كان ذكاؤه وعلمه؛ لأنها مرحلة ذاتية بين مقامين دونهما مقام العقل حتى ولو كان في سامق قمم الاتزان والفطنة.

لقد نزل الوحي بالنبوة وكانت {اقْرَأْ} إعلانا واضحا للاصطفاء ورجف فؤاده -صلى الله عليه وسلم- بها غبطة٢، فقد تم اللقاء والإقبال وارتاحت سريرته لهذا الاصطفاء وتأهب لهذا العمل الجليل, وهو به جد سعيد، لقد فتر الوحي بعد بدء إعلان النبوة ليتشوق النبي الكريم إلى لقائه، بعد أن تستقر غبطته باصطفائه، وذلك تقدير الله لحياة نبيه ثم تتابع الوحي ونزلت مواصفات العمل النبوي تزكيته:


١ راجع الإسلام والعقل ص١٠٥، ١٠٦، دار الكتب الحديثة.
٢ راجع المواهب اللدنية ج١ ص٢٢١.

<<  <   >  >>