للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كلنا نعرف ما كان منه في شأن الخمر، وأنه لم يبطله بجرة قلم بل لم يحرمه تحريما كليا إلا في المرحلة الرابعة من الوحي، أما المرحلة الأولى التي نزلت في مكة, فإنها رسمت الوجهة التي سيسير فيها التشريع، وأما المراحل الثلاث التي نزلت بالمدينة, فكانت أشبه بسلم أولى درجاته بيان لآثار الخمر، وأن إثمه أكبر من نفعه ... إلخ١.

فالعقلية الإسلامية وهي في حرارة العقيدة تتحمس لقانون الله تدرك أن السكر في أقل درجاته لا يستحق أن يوصف بالرزق الحسن إنه إنتاج صناعة بشرية تدخلت فيه إرادة البشر, فمنعته من هذا الوصف الجميل, وقد أنشأ الإسلام مزاجا ومذاقا خاصا عند الجماعة الإسلامية في مكة جعلها تتأفف من كل شيء لا يذكر اسم الله عليه، فهي عندما تسمع هذه المقابلة قد يتهيج مزاجها فتتأفف من السكر لأنه ليس رزقا حسنا، وتبقى المسألة هكذا في الحسن والتذوق والمزاج حتى تثري بعد ذلك الخطوات التالية في العهد المدني الحازم.

الربا:

كان من عادة الجاهلية تنمية أموالهم عن طريق الربا, وهذا الربا به نوعان٢: ربا البيع، وربا الهدية, فكان بعضه يهدي جزءا من ماله إلى الأغنياء الأثرياء طمعا في أن ترد له الهدية مضاعفة، نوع من أساليب تنمية المال في الجاهلية, ولفظ الربا عام يشمل أنواعه كلها, وهو عمل ممقوت أخلاقيا واجتماعيا واقتصاديا؛ لأنه يجعل الحياة جيفة


١ راجع رسالة الربا في نظر القانون الإسلامي ج١ الأزهر ١٩٥١م.
٢ راجع تفسير ابن كثير ج٣ ص٤٣٤.

<<  <   >  >>