للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد بسط الله لهذه الجماعة في الفهم والذكاء ونورانية القلب والمشاعر مما جعلهم يفهمون حقيقة الدنيا حتى ولو كانت في أوج عظمتها وكبريائها، فإنها متاع الغرور, وهي ظل زائل, وعرض تافه قصير العمر خفيف الوزن معدوم المعنى.

{إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعَامُ حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} ١.

فبات في ضمير الجماعة, وفي عقلها أن هذه الحياة الدنيا لا أمن فيها, ولا اطمئنان إليها ولا ثبات ولا استقرار على وجهها، ولا يملك الناس من أمرها شيئا.

هذه هي الحياة الدنيا وفي الصفحة الباقية الخالدة:

{وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} ٢.

فيا لبعد الشقة بين دار تطمس في لحظة مثل طرفة عين ودار للسلام باقية خالدة يهدي إليها الله من يشاء من عباده المخلصين.

وبهذا فقد نقى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بصيرة ومشاعر وعقلية نواة المجتمع الإسلامي من كل غرض دنيوي، لقد طهرهم من


١ الآية رقم ٢٤ من سورة يونس.
٢ الآية رقم ٢٥ من سورة يونس.

<<  <   >  >>