للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فكرة التبعية لغير الله وأكد أن آجالهم وأرزاقهم وأولادهم نعمة من منح الله جل شأنه وأن دار السلام الخالدة تستقبل المخلصين, وأن الدنيا عمر هباء وزينتها زخرف براق والمغرور بها فارغ الحجر وصفر اليدين من زاد ينجيه يوم لا تملك نفس لنفس شيئا والأمر يومها لله الواحد القهار.

وكان على هذه الجماعة التي تعد لتكون مصدر ترعرع المجتمع الإسلامي في المستقبل كان عليها أن تقدم الدليل على هذه العبودية المجردة لله وأنها بدعوتها إلى دار السلام لا تكره ولا تحب إلا في الله فألزمها القرآن الكريم بالعفو عن ظلم الذين لا يرجون أيام الله.

يقول الله تعالى:

{قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ لِيَجْزِيَ قَوْمًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ، مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ} ١.

فهو توجيه كريم للذين آمنوا ليتسامحوا مع الذين لا يرجون أيام الله تسامح المغفرة والعفو وتسامح القوى والاستعلاء وتسامح الارتفاع والترفع عن مهاترات الماجنين المشركين.

والواقع أن القرآن الكريم هنا يلفت نظر الجماعة الإسلامية إلى أن الذين لا يرجون أيام الله مساكين ضعاف العقل والبصيرة، ولهذا فهم يستحقون العطف أحيانا لأنهم حرموا من رحيق النبع الفياض


١ الآيتان ١٤، ١٥ من سورة الجاثية.

<<  <   >  >>