وهم {الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْأِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ} إنهم أطهار القلب نظفاء السلوك، وذلك أثر طبيعي للإيمان، وضرورة أساسية من ضروريات القيادة الراشدة، وقد حققت الجماعة الأولى هذه الصفات, فارتفعت بالإيمان المرهف فوق كل بريق الحياة حتى بلغت مستواها القيادي وحققت معنى العبودية لله واكتمل لها الإيمان الصافي والتوكل الثابت واجتناب الفواحش, وحققت المغفرة عند الغضب والاستجابة لله، وإقامة الصلاة والشورى والإنفاق والانتصار، والعفو والإصلاح والصبر.
ومما رزقناهم ينفقون، فالجهاد في كل مرحلة يحتاج إلى بذل وإنفاق ولا بد منه تطهيرا للقلب من الشح، وتنظيفا له من هواية عده وجمعه واستعلاء على حبه وتملكه, وتوكلا على الله وثقة فيما عنده {مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ} .
وهذه صفة لازمة للجماعة التى ستتولى القيادة الراشدة لتحقيق العبودية.
إن البذل في سبيل الدعوة له مهمتان:
١- إقامة التكافل الاجتماعي بين أفراد الدعوة.
٢- تمرين النفس على التخلص من شهوة المال والتوكل على الله والثقة فيما عنده حتى تطهر النفس من كل علائق الدنيا التي تشوب الجهاد أو تعوقه أو تضعف العزم عليه.
وهكذا نؤسس الجماعة الإسلامية الأولى التي نيط بها الجهاد المقدس لبناء المجتمع، الإسلامي في المدينة المنورة.