للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كانوا فعلا يزعمون أنهم على دين إبراهيم وكانوا يعتزون بعقيدتهم على هذا الأساس من النسب، ولم يكونوا يحفلون بديانة مسيحية أو يهودية، مما كان لها وجود ما في الجزيرة العربية إعزازا منهم بأنهم على دين إبراهيم، ولو أنهم كانوا غير منتبهين إلى ما صارت إليه عقليتهم من التناقض فقد اندفعوا في تيار العبادة عاطفيا وجرتهم التقاليد والمعدات إلى هذا اللون من العبادة، ولكنهم إذا سئلوا عن خالق السموات والأرض ومسخر الشمس والقمر، ومنزل الماء من السحاب ومحيي الأرض بعد موتها يقولون: الله، هو صانع كل هذا ولكنهم ينحرفون في الطريق إليه فيعبدون الأصنام والكواكب والملائكة ويجعلونها شركاء لله في العبادة وإن لم يجعلوها شركاء له في الخلق وذلك هو التناقض الذي شاء هذا المنهج أن يفضحه١، وحاول أن يطهر النفوس منه لأنه ضعف وانحراف عن السبيل السواء، قال ابن كثير في معناها: "يحتج على المشركين باعترافهم بوحداينته وربوبيته على وحدانية إلهيته"٢.

يقول الدكتور سامي النشار وهو يصور تلك المرحلة: "ولكن كان وراء كل هذا غريزة باطنية في أولاد إسماعيل وتشوف نحو شيء من اللامحدود، فيما وراء الوجود.

وجاءتهم المسيحية من الشمال ومن الجنوب ومشيخة العرب من أولاد إسماعيل يهزون رءوسهم ولا يبدون حراكا.


١ راجع في ظلال القرآن ج٢١ ص١٦ ط ثالثة بيروت.
٢ ابن كثير ج٢ ص٤١٦.

<<  <   >  >>