وكان أسعد بن زرارة من شباب الخزرج المتوهج المتقد حماسا وإخلاصا الممتلئ إيمانا الفياض باليقين يريد أن يحدد الأمر إلى أبعاده البعيدة فقال:
رويدا يا أهل يثرب! إنا لن نضرب إليه أكباد الإبل إلا ونحن نعلم أنه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأن إخراجه اليوم مفارقه لجميع العرب وقتل خياركم.
وإن تعضكم السيوف فأما أنتم قوم تصبرون عليها إذا مستكم بقتل خياركم ومفارقة العرب كافة, فخذوه, وأجركم على الله تعالى, وأما أنتم تخافون من أنفسكم خيفة, فذروه, فهو عذر لكم عند الله عز وجل؟
فقالوا: يا سعد! أمط عنا يدك, فوالله لا نذر هذه البيعة, ولا نستقيلها, فقمنا إليه رجلا رجلا, فبايعناه١.
يقول ابن الأثير:
وكانت البيعة في هذه العقبة على غير الشروط في العقبة الأولى, فإن الأولى كانت بيعة النساء, وهذه البيعة كانت على حرب الأحمر والأسود.
أما نص الأولى: فبايعنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على بيعة النساء, على ألا نشرك بالله شيئا, ولا نسرق, ولا نزني, ولا نقتل أولادنا, ولا نأتي ببهتان نفتريه بين أيدينا وأرجلنا, ولا نعصيه في معروف. "إن وفيتم فلكم الجنة, وإن غشيتم شيئا من ذلك فأخذتم بحده في الدنيا
١ الحلبية ج٢ ص١٨, فقه السيرة ص١٥٧.