ذلك بأبي أنت وأمي؟ قال:"نعم" , فحبس أبو بكر نفسه على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ليصحبه وعلف راحلتين كانا عنده١.
فالداعية إذن لا يتحرك إلا بالوحي إنه لا ينطق عن الهوى ولا يتحرك عن داعية نفسه إنما هو وحي يوحى.
وانتظر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ومعه أصفياؤه الذين سيتولون مسئولية إنهاء الأعمال والأمانات ويصفوا كل العلاقات مع المجتمع الجاهلي.
كان في مكة "عليٌّ"؛ لرسالة خطيرة هي رسالة التضحية والوكالة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ليبيت في السرير المشرف الزكي العبق الطاهر المقدس ليواجه في حداثة سنه جلبة الشباب الطائش الأحمق، ويا لها من شجاعة وقوة وعزيمة. واحد من شباب الإسلام في سنه الصغيرة يجابه بثبات مكين وإرادة حادة جموع الشباب من قبائله الكثيرة التي عزمت في إصرار على أن تقتل المرتدي هذه البردة الزكية الخضراء ومن خلفهم رأي عام يساعد ويساند ويجيش الفتن ويفرح بيوم النصر.
وكان في مكة الصديق الذي جهز أهله وماله كله من أجل صحبة حبيبه, فاضت لها عيناه فرحا يوم أنبئ بها, ويأتي الإذن للنبي الكريم بالهجرة, ولنستمع للسيدة عائشة رضي الله عنها وهي تروي للتاريخ أعظم حدث غير وجه الحياة من البريق الجاهلي إلى الحق الإسلامي الذي صان كرامة الإنسان وعزه وربطه بالعبودية لله وحده.