ليردهم بزعمه، ولكن جنود الأرض التي أخلد إليها تعيبه وتؤدبه وتهزمه وتهزأ به.
يقول ابن هشام:
فلما بدا لي القوم ورأيتهم عثر بي فرسي, فذهبت يداه في الأرض وسقطت عنه، ثم انتزع يديه من الأرض, وتبعهما دخان كالإعصار, قال: فعرفت حين رأيت ذلك أنه قد منع مني, وأنه ظاهر. قال: فناديت القوم, فقلت: أنا سراقة بن جعشم انظروني أكلمكم, فوالله لا أريبكم ولا يأتيكم مني شيء تكرهونه، قال: فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لأبي بكر:"قل له: وما تبتغي منا؟ ".
قال: فقال ذلك أبو بكر.
قال: قلت: تكتب لي كتابا يكون آية بيني وبينك.
قال: اكتب له يا أبا بكر١.
وباء سراقة بمثل ما رجعت به قريش من قبل، بيد أن كرم النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو أجود من الريح المرسلة كان أوسع من وعود قريش وأعظم عفوا عن المسيء, فرد سيئات سراقة ووعود قريش الواهية بقرار نبوي صادق تهتز له جوانح سراقة فرحا, ويتيه بها على الزمان فخرا. قال ابن الأثير: