للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وذهبوا فيما لبث أن جاء أبو معبد زوجها, فلما رأي اللبن عجب وقال: ما هذا يا أم معبد؟ أنى لك هذا والشاة عازب حبال ولا حلوب بالبيت؟ لا والله إلا أنه مر بنا رجل مبارك من حاله كذا وكذا، رأيت رجلا ظاهر الوضاءة حسن الخلق وسيم قسيم في عينيه دعج وفي صوته صحل أحور أكحل أزج أقرن حلو المنطق١، فقال هذا والله صاحب قريش لو رأيته لاتبعته ولأجتهدن أن أفعل.

قال ابن كثير: قال عبد الملك: بلغني أن أم معبد هاجرت وأسلمت ولحقت برسول الله -صلى الله عليه وسلم٢.

هكذا يستدل الأصفياء على صدق النبوة بحال النبي -صلى الله عليه وسلم- ففي اللحظة التي كان يتسابق فيها سراقة مع هواه, ويسرع من أجل أمنيته كانت أم معبد وزوجها في بحبوحة من الإخلاص والصدق وصفاء من القلب ونظافة من وسوسة الشيطان، لقد أحسا ببركة النبي -صلى الله عليه وسلم- فنطقا بهذه البركة واستدلا بها على صدق نبوته فأسلما وهاجرا.

أما سراقة فقد أخلد إلى الأرض واتبع ما وجد عليه آباءه واستمر بفرسه يجري حتى لحق بالركب النبوي الكريم.

ومرى أخرى تلتقي ثورة الأرض بجنود السماء وطغيان العقل ببركة الوحي، وينادي سراقة بن جعشم أصحاب الركب


١ راجع معاني هذه الأوصاف كتاب الشفاء ج١ ص٣٢٨ شرحي: علي القاري ونسيم الرياض.
٢ السيرة لابن كثير ج٢ ص٢٦٣, رجع الحلبية ج٢ ص٥٣.

<<  <   >  >>