مرحلة التمهيد للدعوة كانت منحة ربانية أرادها الله ليوعي بها المجتمع حتى يستقبل الرسالة على بصيرة، ومثل النجاشي نسطورا وبحيرا، وعبد الله بن سلام، وسلمان الفارسي، مما لا يدع مجالا لصلف العقل أن ينكر هذه المرحلة المهمة ودلل بذلك على وحدة الدين الذي حمله موكب الأنبياء.
المنكرون للنبوة مع معرفتهم دلائلها وأعلامها دفعهم إلى ذلك مرض الأنانية والعصبية القبلية والحسد والجحود ظلما وعلوا، مثل أمية بن الصلت, وهرقل, وأبو جهل, والنضر بن الحارث، وعتبة بن ربيعة ... إلخ. وذلك هو داء العصر الحديث حتى في الجامعات العلمية حيث تظهر فكرة القومية كعنصر مضاد للإسلام.
سبقت الدعوة الإسلامية منذ عهدها المكي جميع نظريات الإصلاح الفكري والاجتماعي بما وضعته من مناهج في التفكير والعمل مع الجماعة مؤسسا على احترام مستوى كل فرد، وظروف كل جماعة دون قسر أو خداع أو إرهاب أو تضليل, بل بالحق والعدل والإقناع والإرادة, ولهذا فالدعوة الإسلامية لا توافق على نشرها بطريق العنف والثورة.
لم يحاول القرآن أن يثبت وجود الله؛ لأن هذه القضية لم تكن مثار جدل أو إنكار بين الناس, فهم يجدون الأصنام زلفى إلى الله، ولكن القرآن أقام أدلة على التوحيد وإفراد العبودية لله في الحكم والتشريع والاعتقاد والأخلاق والمعاملات.
دعا الإسلام منذ القرون الوسطى إلى استخدام السمع والبصر والفؤاد في البحث العلمي، ونهى عن اتباع الشك والظن, فإنها لا تغني