وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} . فلا تردد ولا حيرة فما أحسته المشاعر وأدركته الفطرة هو الذي ينجلي للعقل مطابقا للحقيقة التي استقرت في الضمير١.
يقول ابن كثير:
"والحق أن إبراهيم عليه الصلاة والسلام كان في هذا المقام مناظرا لقومه مبينا لهم بطلان ما كانوا عليه من عبادة الهياكل والأصنام, وبين في هذا المقام خطأهم وخلالهم في عبادة الهياكل وهي الكواكب السيارة السبعة.
فبين أولا صلوات الله وسلامه عليه أن هذه "الزهرة" لا تصلح للإلهية فإنها مسخرة مقدرة بسير معين لا تزيغ عنه يمينا ولا شمالا ولا تملك لنفسها تصرفا بل هي جرم من الأجرام خلقها الله منيرة لما له في ذلك من الحكم العظيمة، وهي تطلع من المشرق ثم تسير فيما بينه وبين المغرب حتى تغيب عن الأبصار فيه ثم تبدو في الليلة القابلة على هذا المنوال، ومثل هذه لا تصلح للإلهية.
ثم انتقل إلى القمر فبين فيه مثل ما بين في النجم.
ثم انتقل إلى الشمس كذلك، فلما انتفت الإلهية عن هذه الأجرام الثلاثة التي هي أنور ما تقع عليه الأبصار، وتحقق ذلك بالدليل القاطع، قال: يا قومي إن بريء مما تشركون، أنا بريء من عبادتهن وموالاتهن فإن كانت آلهة فكيدوني بها جميعا ثم لا تنظرون