وهو جواب ينطق بالبلادة وتحجر العقل وعمى القلب وقوقعة نفوسهم في قوالب ميتة من التقاليد، لقد حكموا على أنفسهم بالسجن ورفضوا حرية الإيمان وانطلاق العقل من عقال التقاليد والموروثات المتحجرة وإزاء هذا كان الرد الصارم، قال:{لَقَدْ كُنْتُمْ أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ} .
إن عبادة الآباء لا تكسب هذه التماثيل قيمة، ولا تخلع عليها قداسة هي غير مستحقة لها في الأصل ولا في الفكر ولا في الواقع المشهود، والقيم أيها القوم لا تنبع من تقاليد الآباء الأقدمين وإنما تصدر عن تقويم طليق موزون يحترم العقل وتوافق عليه الفطرة التي فطر الله الناس عليها، وكأنما أحس وجدانهم المتبلد بشيء من نور الحقيقة زعزع الفساد الذي انطوت عليه صدورهم فاتجهوا إلى سيدنا إبراهيم.
وهو سؤال ينبئ عن عدم اطمئنان وتعطل في الفكر وتبلد في الروح بسبب الوهم الذي تراكم على قلوبهم من تعظيم التقاليد فهم لا يدرون، أحق ما قاله إبراهيم أم لعب؟ وذلك هو التيه الذي يعيش فيه كل من لا يدين بالتوحيد الخالص الناصع ويقبله العقل المستقيم المستنير، ولقد كان إبراهيم كامل العقل والاستنارة فرد عليهم.