وعاد القوم ليروا آلهتهم جذاذا إلا كبيرا لهم، وكان ينبغي أن يرجعوا إلى الصنم الأكبر يسألوه، كيف تحطمت هذه الآلهة وأنت لا تزال هكذا؟ أأنت الذي فعلت؟ أم غيرك؟ ولماذا لم تدافع عن حماك وقدسيتك وأخواتك الصغار من الآلهة؟
كان ينبغي أن يسألوا "الكبير" هذا السؤال ويحاسبوه ويحاكموه لفعلته هذه، ولكن الخرافات التي آمنوا بها قد عطلت عقولهم عن التفكير, وسدت التقاليد عليهم منافذ الفكر كله، وأفسدت المواريث القديمة عن الآباء طريق التأويل والتدبر فإذا بهم يتوجهون بالسؤال إلى مجهول: من فعل هذه بآلهتنا؟ ولأن الكفر مصدر الظلم فقد حكموا عليه بأنه:{لَمِنَ الظَّالِمِينَ} .
وكان المجتمع كله هكذا غبيا معطل الحس فاسد العقل أعمى البصيرة وتذكر من تذكر إيعاد سيدنا إبراهيم للأصنام فقالوا:{سَمِعْنَا فَتىً يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ} وهو أسلوب متساوق مع تفاهة متلفظيه فإبراهيم رفيع الشأن على المنزلة.