للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لقد قالها قوم نوح:

{فَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ مَا هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُرِيدُ أَنْ يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَأَنْزَلَ مَلائِكَةً مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي آبَائِنَا الْأَوَّلِينَ} ١.

فقد رفض قوم نوح الإيمان بنبوته؛ لأنه لم يأتهم خبر من أسلافهم أن النبوة تكون لواحد من البشر.

وهكذا يطمس التقليد على حركة الفكر وحرية القلب فلا يهتدي الناس لما بين أيديهم من الحق الواضح لأنهم ما زالوا متشبثين بركام الماضي وأوهامه.

ومن المؤسف أن القرآن يدعوهم إلى التحرر من هذا السجن, ويعلمهم ألا يحيلوا أعذارهم على آباءهم وأجدادهم, بل إن القرآن لينعي على هؤلاء أن أعفوا أنفسهم من مؤنة التفكير والعقل؛ لأنهم ورثوا من آبائهم وأجدادهم عقيدة لا عقل فيها ولا شفاء للصدور٢.

ويا ليت هؤلاء يدركون أنهم جامدون متحجرون، إنما هم يتهمون دعاة التحرر والانطلاق بالجنون أو بالسحر ... إلخ.

ولما أصر هود على معالجتهم بكل وسيلة أيأسوه وقالوا له:

{سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَوَعَظْتَ أَمْ لَمْ تَكُنْ مِنَ الْوَاعِظِينَ} وتعللوا لهذه السخافة٣:

{إِنْ هَذَا إِلَّا خُلُقُ الْأَوَّلِينَ} .


١ الآية رقم ٢٤ من سورة المؤمنون.
٢ راجع في ظلال القرآن ج١٨ ص٢٥، التفكير فريضة للمرحوم العقاد ص٢٦, التفكير الفلسفي في الإسلام ص٥٤.
٣ راجع ابن كثير ج٣ ص٣٤٢.

<<  <   >  >>