للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الرسول - صلى الله عليه وسلم - وهم أمته، وعليهم أن يدعوا إلى الله كما دعا النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى الله، وكذلك يتضمن أمرهم فيما أمر به ونهيهم فيما نهى عنه، وهذا يتضمن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. وقد وصف الله سبحانه وتعالى أمة محمد بأنها أمة آمرة بالمعروف وناهية عن المنكر قال تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} [آل عمران: ١١٠].

وهذا الواجب واجب على مجموع الأمة وهو الذي يسميه العلماء فرض كفاية إذا قام به البعض سقط عن الباقين، فالأمة كلها مخاطبة بفعل ذلك، ولكن إذا قامت به طائفة من الناس سقط عن الباقين قال تعالى: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (١٠٤)} (١) [آل عمران: ١٠٤].

والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من الأمور التي لابد منها على كل مسلم ومسلمة إما بيده أو بلسانه أو بقلبه. ومن المعلوم أن الدعوة إلى الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تحتاج إلى علم بما يدعو إليه كما قال تعالى: {فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ} [التوبة: ١٢٢] لا شك أن الدعوة إلى الخير وأعلاها الدعوة إلى الله مشروط لها العلم، ولكن العلم ليس شيئًا واحدًا لا يتجزأ ولا يتبعض، وإنما هو بطبيعته يتجزأ أو يتبعض؛ فمن علم مسألة وجهل أخرى فهو عالم بما علم وجاهل بالأخرى، ومعنى ذلك أنه يكون عالمًا بالمسألة التي علم بها، وبالتالي يتوفر فيه شرط وجوب الدعوة فيما علم دون ما جهل (٢).

ومفهوم الكلام من هذا أن كل مسلم ومسلمة يجب عليه الدعوة ما دام شرط العلم موجودًا. وهذا الجصاص (٣) صاحب كتاب أحكام القرآن


(١) الفتاوى ١٥/ ١٦٥ ابن تيمية.
(٢) أصول الدعوة ص ٣٠٢ عبد الكريم زيدان.
(٣) هو أحمد بن علي المكنّى بأبي بكر الرازي ولد سنة ٣٠٥ هـ ثم درس الفقه والحديث =

<<  <   >  >>