للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

يفرد بابًا في كتابه ويسميه باب فرض الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ثم يذكر الآية القرآنية {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} [آل عمران: ١٠٤] ثم يقول لقد حوت هذه الآية معنيين:

أ- وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

ب- أنه فرض على الكفاية وليس بفرض على كل أحد، إذا قام به بعض سقط عن الباقين، بدليل قوله: {ولتكن} (١).

ويعلق الشاطبي (٢) رحمه الله فيقول: إن فرض الكفاية قد قال به العلماء، وإنه متوجه للجميع لكن إذا قام به البعض سقط عن الباقين بدليل {ولتكن} (٣) ثم إن فرض الكفاية متوجه للجميع لتحقيق هذا الغرض، وأما القادر؛ فعليه أن يقوم بهذا الواجب مباشرة فيكون معنى الآية {ولتكن منكم أمة} وأن يقوم به المسلمون بإعداد هذه الأمة إلى الجماعة المتصدية للدعوة إلى الله، وأن يعاونوهم بكل الوسائل لتحقيق المقصود من قيامهم، وهو إقامة دين الله ونشر دعوته، فإن لم يفعل المسلمون ذلك أثم الجميع.

لذا يجب على كل مسلم ومسلمة أن يقوم بهذا الواجب، كل حسب قدرته وعلمه وطاقته؛ أن يقوموا بالدعوة جهارًا نهارًا لصدّ التيارات الجارفة والجاهليات التي ملأت مجتمعاتنا والعالم يعيش في هاوية لا يدري أين يوجه سيره إلى هنا أو إلى هناك، إنه يعيش فراغًا قاتلًا، لذلك لابد من


= واستقر له التدريس وصار إمامًا للحنفية، توفي رحمه الله ٣٧٠ هـ، وله عديد من المصنفات أهمها أحكام القرآن. انظر (طبقات الأصوليين الفتح المبين ١/ ٢٠٣).
(١) أحكام القرآن للجصاص ٢/ ٤٧.
(٢) هو أبو إسحاق إبراهيم بن موسى اللخمي الغرناطي، إمام حافظ جليل مجتهد من المحققين، كان شديدًا على أهل البدع، توفي رحمه الله سنة ٧٩٠ هـ. انظر (الديباج المذهب ص ٢٢٠ وشذرات الذهب ٦/ ٢٨٢).
(٣) الموافقات ١/ ١٧٦ للشاطبي.

<<  <   >  >>