للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

نريد دخولها فخرجت علينا قوابس ظننا أنها قد أهلكت ما خلق الله من شيء، فيأمرهم ثانية فيرجعون كذلك، فيقولون مثل قولهم، فيقول تبارك وتعالى قبل أن تخلقوا علمتُ ما أنتم عاملون وإلى علمي تصيرون. فتأخذهم النار" (١).

المناقشة والترجيح:

وبعد التأمل والنظر أرى أن أقرب الأقوال إلى الصواب هو القول الثالث وهو أن أهل الفترة يُمتحنون، ولا ينافيه ما استدل به أهل الفريقين الأول والثاني.

أما ما استدل به الفريق الأول بما يفيد نفي العذاب عن أهل الفترة، فهذه الأدلة لا تدل على أنهم ناجون وأنهم في الجنة. وأما أهل الفترة فلا تشملهم هذه النصوص لأن هناك نصوص أخرى دلت على أنهم يُمتحنون في عرصات القيامة، وهي النصوص التي استدل بها أهل الفريق الثالث. والله أعلم.

وأما ما استدل به الفريق الثاني من نصوص تفيد أنهم في النار فيُجاب عنها بأن هذه النصوص عامة ولم تخصص، وأما أهل الفترة الذين لم تبلغهم الدعوة فقد وردت فيهم نصوص تخصهم فيخرجون من هذا العموم.

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: "فمعلوم أن الحجة تقوم بالقرآن على من بلغه كقوله تعالى: {لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ} [الأنعام: ١٩]، فمن بلغه بعض القرآن دون بعض قامت عليه الحجة بما بلغه من القرآن دون ما لم يبلغه، فكيف فيمن لم يبلغه جميع نصوص الكتاب فهذا من باب أولى" (٢).

وأما الأحاديث التي احتجوا بها كحديث "استأذنتُ ربي" وحديث:


(١) رواه الطبراني في الأوسط والكبير، وفيه عمرو بن واقد، وهو متروك، قال عنه البخاري وغيره: رُمي بالكذب. وبقية رجال الحديث رجال الصحيح. انظر (مجمع الزوائد - ٧: ٢١٧)
(٢) الجواب الصحيح لمن بدّل دين المسيح ج ١ ص ٣١٠.

<<  <   >  >>