ذلك في مقدمته بما لا يحتاج معه إلى تكرار لما ذكر، غير أننا نشير إلى قضايا هامة مهّد بها لخدمة موضوعه، أهمها: حاجة البشرية للرسل وحكمة الله في إرسالهم، وكيفية الرسالات السابقة لرسالة خاتم الأنبياء، حيث كانت البشرية في مراحل التطور والنضوج، مما جعل للرسالات خصوصية سواء في الناحية الزمانية أو المكانية، وعندما بدأت مراحل النضوج البشري، جاءت رسالة سيدنا محمَّد - صلى الله عليه وسلم - للبشرية كافة وللإنسانية عامة، تحمل في طبيعتها ومنهجها ومتطلباتها ووسائلها طبيعة الرسالة الخاتمة والكلمة الأخيرة من خالق الكون لعباده، لتستمر هذه الرسالة موجهة للبشر قائدة للإِنسان ما دامت الحياة على الأرض، لذلك كله جاءت رسالةً كاملةً شاملةً دائمةً تلبي حاجة الإِنسان في الأرض، وتوجِّه سلوكه فيه، وتقوِّي صلته بالله، وتلبي أيضًا حاجات الإِنسان فيما بعد الحياة الأولى. وهذا ما عالجه في الفصل الثالث من الباب الأول.
وفي الباب الثاني عالج الباحث قضية بحثه بادئًا بتحديد مصطلح أهل الفترة، ذاكرًا مدلوليه اللغوي والإِصطلاحي، مبيِّنًا آراء العلماء من الفقهاء والمفسرين، مرجِّحًا ومفاضلًا بين هذه الآراء، متَّبعًا الطريقة العلمية في آرائه، ثم أشار الباحث إلى قضايا هامة تتعلق بموضوع البحث ويتعلق بالملحقين بأهل الفترة من أطفال المشركين والمجانين وذوي العاهات.
وهو في كل القضايا التي أثارها يلتزم ببيان الحكم الشرعي، مبيِّنًا آراء العلماء، مرجحًا بينهم؛ الأمر الذي يظهر شخصية الباحث في بحثه واستيعابه لموضوعه وحرصه على أن يقدم خلاصة الآراء للقارىء.
في الباب الثالث ناقش قضيةً هامةً أيضًا، وهي حكم من لم تبلغه دعوة محمَّد - صلى الله عليه وسلم - في عصرنا متناولًا مسؤولية الأمة في تبليغ الرسالة إذ بها تتميز هذه الأمة بالخيرية التي ربطها الله سبحانه وتعالى بوظيفة البلاغ المبين والأمر بالمعروف الأكبر، وهو سيادة منهج الله وشرعه ودينه، والنهي عن المنكر الأكبر وهو أن تكون الحاكمية لغير الله، والمناهج من صنع البشر.