للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الفطرة، والفطرة هي معرفة الله والميل إلى الخير، وما دام أنه يولد على الفطرة فلا يُدرى ماذا سيعمل لو كبر، لذا يُتوقَّف فيه ويوكَل أمره إلى الله.

٢ - والحديث قالوا يا رسول الله: أفرأيت من يموت وهو صغير؟ قال: "الله أعلم بما كانوا عاملين" (١).

٣ - عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بعض مغازيه فسأله رجل قال: يا رسول الله، ما تقول في اللاهين؟ قال فسكت عنه رسول الله فلم يرد عليه بكلمة، فلما فرغ رسول الله من غزوة الطائف فإذا هو بغلام يبحث في الأرض، فأمر مناديه: أين السائل عن اللاهين؟ فأقبل الرجل إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم -، فنهى رسول الله عن قتل الأطفال ثم قال: الله أعلم بما كانوا عاملين" (٢).

ووجه الدلالة من هذين الحديثين أن قوله: "الله أعلم بما كانوا عاملين" يدل على التوقف في حكمهم.

وقد أجيب عن استدلالهم بما يأتي:

إن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يتوقف في حكمهم، وإنما فوض علم ما كانوا عاملين لو عاشوا إلى الله سبحانه وتعالى, لأنه قد سبق في علم الله سبحانه وتعالى إيمان المؤمن وكفر الكافر لو عاشوا، قال ابن القيم رحمه الله: (إن كلام النبي - صلى الله عليه وسلم -: "الله أعلم بما كانوا عاملين" إنما خرج هذا الجواب منه من وجهين:

الأول: جواب لهم إذ سألوه عنهم ما حكمهم، فقال: الله أعلم بما كانوا عاملين، وهو في هذا الوجه يتضمن أن الله سبحانه وتعالى يعلم من


(١) أخرجه البخاري انظر (الفتح ج ٣ ص ٢٤٦ كتاب الجنائز -باب أطفال المشركين).
(٢) رواه البزار، والطبراني في الكبير والأوسط, وفيه هلال بن خباب، وهو ثقة بلا خلاف، وبقية رجال الحديث رجال الصحيح (مجمع الزوائد ٧/ ٢١٨).

<<  <   >  >>