للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

العلم المبارك تسمية مبتدعة، وهي تنطبق على غير علم التوحيد الذي جاء به المرسلون، فإنه ليس من الكلام في شيء لا اسما ولا معنى، ولا مقصدا ولا غاية ولا استمدادًا.

وأهل السنة -المتبعون لمنهج الصحابة في الاعتقاد- لا يعتبرون الكلام وتعلمه علما، بل يعدونه جهلا، فإن أبا يوسف تليمذ أبي حنيفة رحمهما الله تعالى قال لبشر المريسي: "العلم بالكلام هو الجهل، والجهل بالكلام هو العلم، وإذا صار الرجل رأسا في الكلام، قيل: زنديق، أو رمي بالزندقة"١، ذلك أن الجدال في الأمور الإلهية بمجرد العقل المحض بعيدا عن الوحي هو جهل يؤدي إلى الضلال وقد قال شيخ الإسلام: "إن الجدال في علم العقائد يسمى كلاما"٢.

وأهل السنة يذكرون أسبابا أخرى لهذه التسمية المحدثة لعلم التوحيد منها:

١- "أنه سمي كذلك؛ لأن المشتغلين به تكلموا فيما سكت عنه الصحابة والتابعون، مثل الكلام في ذاته تعالى، وصفاته، وأسمائه، وتأويل المتشابه، والبحث في القدر، ونحو ذلك مما وردت الآثار بالنهي عنه والتحذير منه، لأجل هذا سمي البحث في المسائل التي سكت عنها المتقدمون كلاما، وسمي أهله بالمتكلمين، حيث تكلموا فيما كان ينبغي فيه الصمت اقتداء بالصحابة والتابعين رضي الله عنهم"٣.

٢- وقد لاحظ بعض العلماء ما بين علماء الكلام، وعلماء الفلسفة من نسبة وشبه، فقالوا: لما أنشأ الفلاسفة المنطق ليكون لهم طريقا في تبيين طرق الاستدلال في العلوم النظرية، فقد شابههم أهل الكلام في إنشاء هذا العلم ليبين لهم طريق الاستدلال مسائل أصول الدين.


١ شرح العقيدة الطحاوية لابن أبي العز الحنفي "١/ ١٧".
٢ مجموع الفتاوى "١١/ ٣٣٦".
٣ مدخل نقدي لدراسة علم الكلام د. محمد السنهوتي ص١٩.

<<  <   >  >>