للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال أحمد بن حنبل رحمه الله: "لا يفلح صاحب كلام، ولا تكاد ترى أحدًا نظر في الكلام إلا وفي قلبه دخل"، وقال أيضا: "علماء الكلام زنادقة"١.

وقال الإمام مالك لرجل جعل يسأله عن القرآن: "لعلك من أصحاب عمرو بن عبيد؟ لعن الله عمرا، فإنه ابتدع هذه البدع من الكلام، ولو كان الكلام علما لتكلم فيه الصحابة والتابعون، كما تكلموا في الأحكام والشرائع، ولكنه باطل يدل على باطل"٢.

وقال الإمام البربهاري: "واعلم أنه لم تكن زندقة، ولا كفر، ولا شكوك، ولا بدعة، ولا ضلالة، ولا حيرة في الدين إلا في الكلام، وأهل الكلام، والجدل، والخصومة، والمراء، والعجب"٣.

ولعله قد يرد هنا اعتراض حاصله: إذا كانت تسمية علم التوحيد بعلم الكلام ممنوعة مذمومة، فكيف عبر بعض أهل السنة عن علم التوحيد بعلم الكلام، كما فعل ذلك الإمام السفاريني رحمه الله في شرح عقيدته الأثرية، الموسومة بلوامع الأنوار البهية، وسواطع الأسرار الأثرية في شرح الدرة المضية في عقيدة الفرقة المرضية؟!

والجواب عن ذلك هو: إذا كان علم الكلام هو: علم يقتدر به على إثبات العقائد الدينية بالأدلة اليقينية أو المرضية، أو كان علما بأمور يقتدر معها على إثبات العقائد الدينية بإيراد الحجج عليها، ودفع الشبه عنها، فإن هذا المعنى الاصطلاحي -دون التسمية- يمكن قبوله عند أهل السنة والجماعة، والاعتداد به بشروط، منها:

- أن تكون الأدلة التي وصفت بكونها يقينية، ومرضية هي صحائح المنقول من كل كتاب ناطق، وسنة ماضية، وإجماع منعقد مقبول، وصرائح المعقول، وفطرة سوية.


١ تلبيس إبليس لابن الجوزي ص١٠٢.
٢ ذم الكلام للهروي ص٢٩٤.
٣ شرح السنة للبربهاري ص٣٨.

<<  <   >  >>