للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فالعقل الطبعي الموهوب هو شرط التكليف، ولكن لما كان التكليف لا يناط بكل مقدار من العقل، وإنما هناك درجة من العقل إذا بلغها الصبي كان مكلفًا، ولما كان من الصعب معرفة بلوغ الصبي تلك المرتبة التي هي مناط التكليف، فقد أقام الشارع البلوغ -كوصف ظاهر منضبط- دليلًا على اكتمال القدر المطلوب من العقل للتكليف.

٢- البلوغ:

ويقصد به انتهاء حد الصغر، وانتقال الصبي من حالة الطفولة إلى حالة الرجولة، وعنده يتم التكليف ويجري القلم، ويدرك الصغير قضاياه المصيرية، ويفكر بجدية في إجابات الأسئلة الضرورية، فإذا مات الصبي قبل البلوغ، فقد مات مرفوعا عنه القلم وناجيا عند الله تعالى، سواء في ذلك أبناء المسلمين والكفار على الراجح.

كما نقل ابن المنذر الإجماع على ذلك، فقال: "وأجمعوا على أن الفرائض والأحكام تجب على المحتلم العاقل"١.

وللبلوغ علامات وأمارات، اثنتان يشترك فيها الذكر والأنثى، وهما الإنزال أو الاحتلام والإنبات، واثنتان تخص الأنثى وهما الحيض والحبل، فإن لم يوجد شيء من ذلك فبالسن، وبيان الأمارات كما يلي:

الإنزال: وهو خروج المني دفقا بشهوة، يقظة أو مناما، بجماع أو بغيره.

قال تعالى: {وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا} [النور: ٥٩] ، وأمر


= وصححه الحاكم، والألباني في صحيح الجامع "٣٥١٢-٣٥١٤" من حديث علي، وصححه الحاكم وابن حبان من حديث عائشة، ونقل الترمذي في العلل عن البخاري قوله في حديث عائشة: "أرجو أن يكون محفوظا". وله شواهد عن جماعة من الصحابة. انظر: نصب الراية للزيلعي "٤/ ١٦١".
١ الإجماع لابن المنذر ص١١١، وهو عند ابن قدامة في المغني "٤/ ٢٩٧"، والبهوتي في كشاف القناع "٣/ ٤٤٣"، وابن مفلح في البدع "٤/ ٣٣٢"، وابن حجر في الفتح "٦/ ٢٠٤".

<<  <   >  >>