للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولذا قال الإمام محمد بن شهاب الزهري رحمه الله: "من الله عز وجل العلم، وعلى الرسول البلاغ، وعلينا التسليم"١، وما أحسن المثل المضروب للنقل مع العقل، وهو أن العقل مع النقل كالعامي المقلد مع العالم المجتهد، بل هو دون ذلك بكثير، فإن العامي يمكنه أن يصير عالما، ولا يمكن العالم أن يصير نبيا رسولا"٢.

رابعا: الفطرة السوية:

أما الفطرة فهي خلق الخليقة على قبول الإسلام والتهيؤ للتوحيد، أو هي الإسلام والدين القيم.

قال تعالى: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ} [الروم: ٣٠] .

قال ابن كثير رحمه الله: "فإنه تعالى فطر خلقه على معرفته وتوحيده، وأنه لا إله غيره"٣.

قال شيخ الإسلام: "فالحنيفية من موجبات الفطرة ومقتضياتها، والحب لله، والخضوع له، والإخلاص له هو أصل أعمال الحنيفية"٤.

وقوله تعالى: {لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ} معناه: أن الله ساوى بين خلقه كلهم في الفطرة على الجبلة المستقيمة.

وفي الحديث الصحيح: "كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه، كمثل البهيمة تنتج البهيمة، هلى ترى فيها جدعاء؟ " ٥، فمعنى خلق


١ السنة للخلال "٣/ ٥٧٩"، وفتح الباري لابن حجر "١٣/ ٥٠٤".
٢ شرح الطحاوية لابن أبي العز "١/ ٢٣١".
٣ تفسير القرآن العظيم لابن كثير "٣/ ٤٣٣".
٤ درء تعارض العقل والنقل لابن تيمية "٨/ ٤٥١".
٥ أخرجه البخاري "١٣٨٥"، ومسلم "٢٦٥٨" من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

<<  <   >  >>