إن سلوك منهج أهل السنة في تعلم علم التوحيد يوصل العبد -ولا بد- إلى غاية
المطالب، وأشرف المقاصد، وأول الواجبات، وهو معرفة الله تعالى بالتوحيد، وإفراده تعالى بالعبادة، والبراءة من الشرك، وكلما ازداد العبد علما بالتوحيد، ازداد رقيا في مدارج الإيمان ومعارج اليقين، وارتقى من الإيمان المجمل إلى الإيمان المفصل، ومن حال التقليد إلى حال اليقين والإذعان، والتصديق عن حجة وبرهان، بحيث يكون اعتقاد الإنسان في ربه ذاتا وصفات، وأفعالًا مطابقا للواقع عن دليل صحيح، وهذا أفضل ما اشتغل بعلمه إنسان، كما في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل: أي العمل أفضل؟ فقال صلى الله عليه وسلم:"إيمان بالله ورسوله" ١.
والعلم بالله تعالى وأسمائه وصفاته سبيل لرفع الدرجات وحصول البركات، قال تعالى:{يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ}[المجادلة: ١١] ، وهذا العلم الصحيح هو الذي يحل عقدة الأسئلة الكبرى التي ضلت البشرية في الاهتداء إلى جوابها، فتاهت في دروب الإلحاد، وعبادة الشجر، والحجر، والتثليث، وعبادة الهوى من دون الله تعالى، ففي القلب خلة لا يسدها إلا الاعتقاد الحق، وحاجة لا تنقضي إلا بمعرفة الرب.
كانت لقلبي أهواء مفرقة ... فاستجمعت بك مذ رأتك العين أهوائي
فصار يحسدني من كنت أحسده ... وصرت مولى الورى مذ صرت مولائي
- انشراح الصدر وطمأنينة القلب:
وهذا الأمر ثمرة حصول المعرفة الصحيحة بالله تعالى، والإجابة على أسئلة الفطرة حول الكون والحياة، فنفس لا إيمان فيها مضطربة، قلقة، تائهة خائفة، فأما