اضطرابها؛ فلأنها كالسفينة تتقاذفها الأمواج العاتية، تتلقى عن كثيرين -غير الله تعالى- مناهجها عقائدها فتضطرب مرجعيتها، ويختلف سبيلها، وتتناقض مسيرتها، وأما النفس المؤمنة الموحدة، فقد اتحد مصر ورودها، وصدورها في كل أمر، فهي تتلقى من الله وعن الله، وهي تسير إلى الله.
قال تعالى:{ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلًا فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلًا سَلَمًا لِرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ}[الزمر: ٢٩] . فإذا تعددت الأسياد على المملوك، فقد شقي حاله، واضطرب أمره.
وفي النفس قلق على المستقبل وطلب لاستجلاء الغيوب، ولا يزيل هذ القلق كالإيمان بخيرية الذات، وخيرية العمل، وخيرية المآل والمصير، فالمؤمن الموحد ينظر إلى الغيب بعين التفاؤل والرضا عن الله تعالى في قضائه وقدره، فيسكب في النفس برد اليقين، ومشاعر الأمن والاطمئنان، قال تعالى:{الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ}[الأنعام: ٨٢] ، فمن أراد الله له الهداية وانشراح الصدر هداه إلى الإسلام أولا، ثم إلى سلامة العقيدة من شوائب البدع ثانيا.
قال شيخ الإسلام:"والمقصود أن ما عند عوام المؤمنين، وعلمائهم أهل السنة والجماعة، من المعرفة واليقين، والطمأنينة، والجزم الحق، والقول الثابت، والقطع بما هم عليه، أمر لا ينازع فيه إلا من سلبه الله العقل الدين"١.